ما أجمل أن يعيش الإنسان بتواضع بعيداً عن مظاهر التعالي ، و التباهي ، و الكبر .
كل هذه المظاهر الخداعه التي تظهر زيفُ المشاعر ، و تتسبب بجرح الآخرين سواء بالقول أو الفعل .
عندها لن يكون لنا مكانٌ في قلوب البشر ، إن تحلينا بهذه الصفات المذمومه ، بل ستسودُ الكراهيه و الضغينه في القلوب .
قال الشاعر : -
تواضع إذا ما نلت في الناس رفعة **** فإن رفيع القوم منه يتواضع
إذا شئت أن تزداد قدرا ورفعة **** فلن وتواضع واترك الكبر والعجبا
تواضع إن رغبت إلى السمو *** وعدلاً في الصديق وفي العدو
ولا تمشي في الأرض إلا تواضعا *** فكم تحتها قوم هم منك أرفع
إنتشرت هذه الظاهره بمجتمعنا بشكل ملحوظ لدى الجميع أصبح الغني يرى للفقير بنظرة أخرى و كأنه يتباهى بما يملك ، لم يعد للفقير مكان في المجتمع ، فلا رحمة
بقلوب البشر ، عند التوجه لأي مكان لا يلقى سوى المعامله السيئه و إبداء الشخص الغني ذو النفوذ و السلطه عليه .
أصبح المجتمع يرى الناس بأموالهم
إن كنت من الأغنياء فَلكَ ماشئت من المعامله الحسنه ، بعكس الفقير .
جميع البشر متساوون فلا يحق لشخص أن يتعالى بسبب منصب أو زياده مال ، خلقنا من تراب و إليه سنعود .
لنتأمل هذه القصه و نقتدي برسولنا الكريم عليه الصلاة و السلام
كان رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) المثل الاعلى في التواضع والرحمه فقد جاءه جبريل عليه السلام وقال : يامحمد(ص) إن ربك يخيرك ان تكون ملكاً نبياً أو عبداً رسولاً. فقال : عبداً رسولاً .ومرت به
امرأه جاهلية فرأته يأكل فقالت : إنه يجلس كما يجلس العبد، ويأكل كما يأكل العبد ( اي متواضعاً غير متكبر مثل الملوك ) . فأرادت ان يطعمها ، فقالت: اطعمني. فأطعمها رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) فغلبها البكاءُ
فلم تعد إلى مثل عملها .
دخل رجل على النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) اسمه الأقرَعُ بنُ حابِس، وكان زعيم قومه واشتهر بالغلظة وقسوة القلب ، فرأى النبي يقبل الحسن والحسين عليهم السلام فقال الاقرعُ: إن لي عشره من الولد لم اقبل واحداً .
فقال رسول الله : أوَ أملِكُ لكَ ( أي الرحمه من عند الله ) أن نزع الله الرحمةَ من قلبك !
من لم يرحم لم يرحم.
ومن رحمته بالطفل انه كان إذا زار احد بيوت المؤمنين لاعب الاطفال ومازحهم ، وقد روى عنه انه كان له اخ اسمُه( عبد الله) وكان رسول الله يزورهم فيمازح اخاه الصغير ( عبدالله)
وكان لأخيه طير يلعب به وقد وضعه في قفص واسم الطير ( النٌفيرُ) فجاء رسول الله فلم يجد الطير في المنزل فسأل الطفل عنه وقال لعبد الله مداعباً له وكناه( جعل له كنيه كأبي فلان ) :ياأبا عمير مافعل
النفير. فقال : مات يارسول الله . وبكى الطفل ، فجعل رسول الله يداعبه ويمسح دموعه حتى رضى.
ومن رحمه النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) عنايته باليتيم وإكرامه والإحسان إليه ، وقد ذكر انه رأى يتيماً يقف ناحيته والاولاد يلعبون ولا يشاركهم لعبهم فسأله فذكر أنه يتيم ليس له
معيلٌ يلبسه مثلما يلبس الأطفال فأخذه إلى منزله واعتنى بنظافته جسده وشعره واشترى له ثياباً جديدةً وقال له، إذا سألك أحد عن أبيك وامك فقل أبي محمد وأمي عائشة . فلما خرج فرحاً بثيابه الجديدة رحب به
الأطفال وشاركهم لعبهم ولهوهم.